سألَ رجلٌ الشيخَ البَحبَحانى؛ يا شيخ، سرقتُ بيضةً من عش جارى، فرقدت عليها إحدى فراخى، فأخرَجَت ديكا كان نواةً لأكبر مزرعة دواجن على أسطح قريتنا. فما كفارة ذنبى؟
فقال الشيخ البحبحانى؛ كلُ فِرَاخِكَ لجَارِكَ.
قال الرجل: لقد ذبحت أكبر فراخى وجأت لأدعوك على الغداء معى. ولكن طالما الفراخ لجارى ...
قاطعه الشيخ البحبحانى: انتظر يا بنى؛ قاتل الله العَجَلَة؛ إبقى أسلق بيضة وأبعث بها لجارك.
هكذا هو الشيخ البحبحانى، سُمىّ بإسمه لا لتيسيره على الناس وإنما لأنه "يُبَحبِحُ" فتاواه لتوافق هواه وتخدم مصالحه الشخصية. ولعل شيخ ديار الشاعر محمد مهدى الجواهرى هو أبلغ من عبر عن مذهب الشيخ البحبحانى فى فتواه فى الخمر حيث يقول محمد مهدى الجواهرى:-
من شيخ دَيْرِيَ فَتْوى ... عندي وعهدٌ قديمُ
أن لا تَحِلَّ مُدامٌ ... حتى يَحِلَّ النديم
فهكذا يرى الشيخ أن الخمر تحل للجواهرى فقط؛ حينما يكون هو النديم.
منذ أيام شاهدت حلقة من برنامج دينى على إحدى قنوات المنوعات، وقد أُستُضيف أحد الشيوخ المشهورين، أو الساعين للشهرة، وقد خُصصت الحلقة للإجابة على أسئلة المشاهدين. تلقى الشيخ إتصال يستفتيه فى الإقتراض من البنك ورد المال المُقتَرَض بعد فترة من الزمن بعد إضافة نسبة "فائدة" محددة، وقد ادعى المتصل أنه يريد أن يقيم مشروع تجارى خاص بهذا القرض وأن أمه مريضة ويريد أن يتكفل بعلاجها. وهنا يرد الشيخ على السؤال؛ "ضرورتك تبيح ذلك. حلال".
بعد الإتصال سألته مُقَدمة البرنامجِ؛ وهل تبيح الضرورة الكذب من أجل السفر لفريضة الحج؟ وقد عنت بالكذب أن يسافر الحاج بغرض السياحة أو الزيارة ثم يمد إقامته حتى ينتهى من شعائر الحج، وهنا يجيب الشيخ؛ "بالطبع لا. حرام. الكذب حرام".
هكذا؛ فى أقل من ساعة، يُبيح الرجل الربا من أجل إقامة مشروع تجارى ويُحرّم الكذب على السلطات من أجل أداء مناسك الحج، يُبدى تساهل مبالغً فيه فى قضايا البيوع وأيْمانِ الطلاق، وحين يُسأل عن التدخين؛ فهو حرامٌ قطعاً ورُبَما كان من الكبائر.
بعد إنتهاء الحلقة أشفقت على الرجل، فقد بدا وكأنه أفتى بحل الخمر على الرغم من أنه ليس هو النديم، فلو كان له نسبة من الفائدة المضافة على القرض الذى أباحه كما نال الشيخ البحبحانى نصيبٌ من الفرخ المسروق لعذرته، ولكن للأسف هناك من "يُبَحبِحوا" فتاواهم على شاشات الفضائيات فقط .. من أجلِ القليلِِ من المَرَق.
عمرو عشماوى 14-05-2008